القيم الأخلاقية
يقول الإمام علي عليه السلام:
"فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد
الأفعال، ومحاسن الأمور" (1).
تعريف الأخلاق وضرورة القيم
الأخلاقية
قبل معرفة القيم الأخلاقية، ينبغي معرفة
ماذا نعني بالأخلاق؟
الأخلاق هي الصفات النفسية التي نحدد على
ضوئها كيف ينبغي أن نكون، وكيف نتصرف ونتعامل في حياتنا الاجتماعية، وكيف يتصرف
بعضنا مع البعض الآخر.
فالإنسان الفرد لا يعيش وحده في هذه الحياة،
فهو بطبيعته اجتماعي يعيش ضمن مجتمع يحتك فيه بالآخرين، والقيم الأخلاقية
بالإضافة على كونها كمالاً على المستوى الشخصي، لا بد منها أيضاً لكمال المجتمع
وتحسين العلاقة بين الافراد، ومن هنا فلا بد من تحديد هذه القيم على ضوء العقل
والشرع ثم الالتزام بها وتطبيقها على المستوى العملي.
وإذا ما التزمنا بالقيم كانت السعادة
الفردية والاجتماعية، في الدنيا والآخرة.
وليصل الإنسان إلى السعادة لا بد أن يلتزم
بمجموع القيم، لأنها نظام متكامل يكمل بعضه بعضاً.
يقول تعالى:
"أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا
خِزْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى
أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"
(2).
وسنشير فيما يلي إلى بعض القيم الأخلاقية
على ضوء كلام أمير القيم والأخلاق سلام اللَّه عليه:
التقوى والورع
قال الإمام علي عليه السلام:
"التقى رئيس الأخلاق"
(3).
وأكَّد ذلك بقوله عليه السلام:
"أوصيكم بتقوى اللَّه الذي ابتدأ خلقكم"
(4).
الحلم والعقل والتعقل
قال عليه السلام:
"الحِلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر
خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك" (5).
الصبر والثبات وضبط النفس
أي تقوية القدرة على تحمل المشاكل
والبلاءات، قال الإمام علي عليه السلام:
"وعليكم بالصبر، فإن الصبر من الإيمان
كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه"
(6).
رزانة الشخصية
يقول عليه السلام:
"من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته".
فعلى الإنسان أن يكرم نفسه عن الانزلاق في
المفاسد المنبثقة عن جماح الشهوات، وإلا تردّى ولم يحترم من أبناء مجتمعه
ومحيطه، وإذا كان كذلك لم يسمع له رأي ولا يعرف له قول فعندها يكون باطن الأرض
خير له من ظاهرها.
التواضع
وهو من القيم الأخلاقية المهمة التي يتمكن
من خلالها التغلغل إلى القلوب، حتى قلوب الأعداء، وذلك مما يكشف عن طيب السريرة
وطراوة النفس وحسن العشرة وإدامة الشكر للَّه تعالى على نعمه.
يقول عليه السلام:
وبالتواضع تتم النعمة"
(7).
ويقول عليه السلام:
".. واعلم أن الإعجاب ضد الصواب وآفة
الألباب" (8).
فالذي يقدّر نفسه تقديراً مبالغاً فيه، بحيث
لا يرى إلا نفسه، فهو العالم وغيره الجاهل، وهو صاحب الرأي الحصيف وغيره لا رأي
له، مثل هذا الشخص ستنفر عنه الناس وسيرى نفسه أنه يعيش لوحده في هذا
العالم أو أنه الوحيد الذي يستحق العيش.
يقول عليه السلام:
".. ولا وحدة أوحش من العجب"
(9).
ويشير إلى خطر التكبر:
"فاللَّه اللَّه... وسوء عاقبة الكبر"
(10).
وذلك لما في الكبر من المنافاة مع ذل
العبودية والخضوع للَّه (عزَّ وجلَّ) وكذلك للشعور بالاستقلالية وميول
النفس إلى الأنانية.
احترام آراء الآخرين ومشاورتهم:
من سبل اكتساب المعارف والنفوذ إلى القلوب،
احترام أفكار الآخرين وآرائهم، والامتناع من أي شكل من أشكال الغرور والأنانية.
يقول الإمام عليه السلام:
"ولا مظاهرة أوثق من المشاورة"
(11).
وفي كلام تحذيري له:
"من استبد برأيه هلك"
(12).
حفظ كرامة الآخرين
ينبغي لنا أن نلتزم مبدأ "كتم السر" عند
مواجهة زلاّت الآخرين وأخطائهم، وينبغي الحفاظ على سمعتهم وكرامتهم، فنحفظهم في
غيبتهم كما نحفظهم في حضورهم وننتصر لهم عند تعرضهم إلى ما يفضحهم ويحقرهم أمام
الآخرين.
يقول الإمام عليه السلام:
"... فاستر العورة ما استطعت، يستر اللَّه
منك ما تحب" (13).
ونحن الذين قد نكون في أية لحظة عرضة للخطأ
والزلل، أو يصدر منا سلوك أو فعل سيء، علينا أن لا نعيب غيرنا، وخاصة إذا كان
نفس العيب فينا.
يقول الإمام عليه السلام:
"أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله"
(14).
الكلام الطيِّب
يرغب الجميع أن لا يسمعوا من أحد كلاماً
خبيثاً مرّاً، وأن لا يكونوا عرضة للسعات ألسن الآخرين. فهل عوّدنا ألسنتنا على
التفوه بالكلام الحسن؟ وعلى أن لا نجرح مشاعر الآخرين؟ إذا كنا نؤمن جميعاً
بأدب الحديث فإلى أي مدى رعينا هذه القيمة الأخلاقية؟
يقول عليه السلام:
"المتقي بعيداً فحشه، ليناً قوله"
(15).
وحين سمع من أنصاره من يسبون أعداءهم (جيش
معاوية الباغي) نصحهم بمراعاة الأدب في الحديث حتى مع الأعداء، إذ قال عليه
السلام:
"إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين"
(16).
بل الإسلام دائماً ينصحنا بأدب الحديث
والموعظة الحسنة والكلام الطيب لأنه هو الذي يرفع العمل الصالح إلى الباري
(عزَّ وجلَّ) حتى يثبته تعالى في ميزان الحسنات.
البشاشة
ليس من صفات المؤمن أن يكون مقطِّب الجبين،
حزين الوجه كئيباً ؛ فإن ذلك ينفّر الآخرين منه. لذلك يوصي الإمام عليه السلام
الإنسان أن يكون مبتسماً فبالابتسام يدخل الإنسان إلى قلوب الآخرين.
يقول عليه السلام:
"البشاشة حبالة المودة"
(17).
الجدّيَّة
إن كثرة المزاح له آثار سلبية على المستوى
النفسي للإنسان حيث يجعل الشخصية هزيلة ويقف حاجزاً أمام التفكر بالقضايا
ومواجهتها بشكل جدي، بل له آثاره السلبية حتى في المجتمع، فصحيح أن المطلوب من
المؤمن أن يكون بشوش الوجه مبتسماً ولكن ليس المطلوب أن يكون كثير المزاح
هزلياً، فالحالة الأولى تشيع حالة من الراحة واللين في المجتمع وأما الحالة
الثانية فقد تصل إلى أذية الآخرين والاستهزاء بهم وتوتير العلاقات الاجتماعية.
وكم من الناس يحسب بمزاحه أنه يدخل السرور
على الآخرين ولكنه في الحقيقة يدخل الحزن والأذى على قلوبهم.
يقول الإمام عليه السلام:
"إياك أن تذكر من الكلام ما يكون مضحكاً"
(18).
ويقول عليه السلام:
"ما مزح امرؤ مزحة إلا مج من عقله مجة"
(19).
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire