mardi 11 mars 2014

الدروس المستفادة من معجزة الإسراء

بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار القرآن:
 (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ...*)
(الاسراء:1)
بقلم
الأستاذ الدكتور: زغلول راغب محمد النجار
هذه الآية الكريمة جاءت في مطلع سورة الإسراء‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها‏ (111)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالحديث عن معجزة الإسراء برسول الله‏ -‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى‏.‏ هذه الرحلة تلتها معجزة أخري هي معجزة المعراج‏.‏
ففي ليلة 27 رجب من السنة السابقة علي الهجرة (أي في حدود سنة620 م) حين طاف رسول الله - صلي الله عليه وسلم- حول الكعبة المشرفة ليلا وحيدا, ثم عاد إلي بيته, وأوي إلي فراشه. وعند منتصف الليل جاءه جبريل - عليه السلام- ليوقظه من نومه مخبرا إياه بأن الله - تعالي- يدعوه إلي السماء. وعلي الفور تحرك الركب الكريم بالبراق من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى حيث استقبلتهما ثلة من الملائكة.
وقد جاءت سورة الإسراء مؤكدة هذه الرحلة الكريمة في مطلعها, وجاءت سورة النجم مؤكدة ما تبع ذلك من العروج إلي سدرة المنتهي, حيث جنة المأوي.
 ثم راح رسول الله يصعد حتى سجد بين يدي ربه, وتلقي منه الأمر بالصلاة, ثم عاد إلي بيت المقدس حيث صلي إماما بأنبياء الله ورسله وعاد إلي مكة المكرمة ليجد فراشه لا يزال دافئا, وهذا يعني أن الله - تعالي- قد طوي له المكان وأوقف له الزمن. وعندما جاء الصباح حدث رسول الله - صلي الله عليه وسلم- أهل مكة بأخبار رحلته, فكان منهم من صدقها, ومنهم من لم يصدقها.
 وكان أول المصدقين بها أبو بكر بن أبي قحافة, ومن هنا سمي باسم الصديق. وطفق مشركو مكة يتناقلون الخبر في سخرية واستعجاب حتى تحدي بعضهم رسول الله أن يصف لهم بيت المقدس. عندئذ جلي الله - تعالي- لرسوله الكريم صورة بيت المقدس فطفق يصفه وصفا تفصيليا لهم.
وفي صبيحة ليلة الإسراء والمعراج جاء جبريل عليه السلام - ليخبر رسول الله بكيفية الصلاة المفروضة وأوقاتها, وكان - صلي الله عليه وسلم- يصلي قبل ذلك ركعتين صباحا ومثليهما مساء كما كان يفعل إبراهيم - عليه السلام-.
بعض الدروس المستفادة من معجزة الإسراء والمعراج:
1- الإيمان بأن الله - تعالي- علي كل شيء قدير وذلك لأن المعجزة تجاوزت حدود كل من المكان والزمان, وكل قدرات الإنسان.
2- التسليم بحقيقة كل من الملائكة, والوحي, والنبوة والرسالة, وباصطفاء الله - تعالي- لأنبيائه ورسله, وبضرورة الإيمان بهم جميعا.
3- اليقين بوحدة رسالة السماء, وبالأخوة بين الأنبياء, وبين الناس جميعا وببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين, الذي ليس من بعده نبي ولا رسول.
4- التسليم بأن المعجزات هي خوارق للسنن, وبالتالي فإن العقل البشري لا يستطيع تفسيرها. ونحن نسلم بصحتها لوجود ذكر لها في كتاب الله وفي سنة رسوله.
5- الإيمان بأن الله - تعالي- فضل بعض الأماكن والأزمنة علي بعض, كما فضل بعض النبيين والرسل علي بعض, وبعض الناس العاديين علي بعض.
6- التأكيد علي ثقة المؤمن بمعية الله - تعالي- وبأنه إذا انقطعت حبال الناس, فإن حبل الله المتين لا ينقطع أبدا ما دام العبد مؤمنا بربه, متوكلا عليه حق التوكل.
7- الإيمان بحتمية مجيء اليسر بعد العسر, وبضرورة الثبات علي الحق حتى يأتي الله بالفرج.
8- اليقين بأن الابتلاء من سنن الحياة, وأنه من وسائل التربية, والتطهير, والتزكية, ورفع الدرجات.
9- الإيمان بأنه كما أن إلهنا واحد فلا بد أن تكون هدايته للبشرية واحدة, وأن يكون دينه واحدا, هو الإسلام العظيم الذي علمه لأبينا آدم - عليه السلام- لحظة خلقه, ثم أنزله علي سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين, ثم أكمله وحفظه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم النبيين. ويؤكد ذلك إمامة رسول الله لجميع الأنبياء والمرسلين الذين بعثوا من قبله في الصلاة ببيت المقدس.
10- التأكيد علي أن الإسراء والمعراج برسول الله كان بالجسد والروح معا, وفي حالة من اليقظة الكاملة انطلاقا من قوله - تعالي- : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ...) وذلك لأن العبودية لا تكتمل إلا بتلبس الروح بالجسد حتى يصبحا نفسا.
11- التسليم بأن معجزة الإسراء والمعراج جاءت تكريما لرسول الله - صلي الله عليه وسلم- بعد المعاناة الطويلة التي عاناها من كفار و مشركي قريش, وبعد تخلي أغلب أهله عنه, وتآمرهم عليه, ومطاردتهم له, كي يكون في ذلك درس لكل مؤمن برسالته.
12- التأكيد علي قيمة عبادة الصلاة, لأنها عي العبادة الوحيدة التي فرضت من الله -تعالي- مباشرة إلي خاتم أنبيائه ورسله, بينما حملت بقية العبادات المشروعة بواسطة جبريل- عليه السلام-.
هذه هي بعض الدروس المستفادة من معجزة الإسراء, والحمد لله رب العالمين .


Aucun commentaire: